استراتيجية السعودية الجديدة بالنسبة لليمن هي الاختباء خلف سور عازل

عدن الحدث

بزنس إنسايدر - التقرير

تعتمد المملكة العربية السعودية بشكل متزايد على نهج "الأمن أولًا" في تعاملها مع اليمن المجاور الذي استولى المتمردون الحوثيون فيه على السلطة حديثًا. ولا تريد المملكة فعل شيء سوى الانتهاء من بناء السياج الحدودي الجديد، ومن ثم إغلاق البوابات.

وعقدت الرياض اجتماعًا لدول الخليج يوم الأربعاء، لتهدد باتخاذ إجراءات لم تحددها "لحماية مصالح" هذه الدول في اليمن الذي يحتجز رئيسه من قبل المتمردين الشيعة، حلفاء عدوها إيران. ولكن خلافًا للماضي، بات تأثير المملكة قليلًا عبر حدودها، ولديها عدد قليل من الروابط مع سماسرة السلطة الجديدة في اليمن. ولقد أوقفت السعودية بالفعل مدفوعات المساعدات، والتي كانت تمثل أقوى أشكال نفوذها هناك.

وسوف يجبر هذا الحوثيين، وبالتبعية إيران، على دفع الفاتورة الكبيرة للحفاظ على اليمن واقفًا على قدميه، إذا كانوا يريدون بالفعل حكم أفقر بلد عربي دون دعم الرياض.

ويقول محللون سعوديون إن الأولوية هي إغلاق الحدود اليمنية الجبلية، حيث قتل الحوثيون نحو 200 جندي سعودي في حرب قصيرة قبل أربع سنوات، بسياج على غرار دفاعات المملكة الحدودية المكلفة مع العراق.

وقال جمال خاشقجي، الذي يدير قناة إخبارية سعودية مملوكة من قبل أمير: "الاستراتيجية السعودية هي لا استراتيجية لليمن. لا أرى أي استراتيجية سوى الحفاظ على الحدود آمنة وحراستها جيدًا".

وما يعنيه صعود الحوثيين هو أن أكبر جيران المملكة من حيث عدد السكان، اليمن والعراق، يهيمن عليهما الآن وكلاء لمنافستها الإقليمية، طهران الشيعية. وتخشى الرياض أيضًا من أن الثورية في فكر الزيدية الشيعة قد ترفع من التوترات الطائفية. وهذا قد يقود الأغلبية السنية في اليمن إلى أحضان تنظيم القاعدة، الذي قاد تمردًا داخل المملكة العربية السعودية بين عامي 2003 و2006، ويريد إسقاط أسرة آل سعود الحاكمة.

معضلة المساعدات

من خلال قطع المساعدات، يضع السعوديون معضلة في وجه كل من إيران والحوثيين.

حيث إنه، وفي طهران التي تفاخر السياسيون فيها بسقوط عاصمة عربية أخرى تحت نفوذهم بعد بغداد وبيروت ودمشق، يجب أن يقرر القادة الإيرانيون الآن ما إذا كانوا سيقدمون المال للمساعدة على إبقاء اقتصاد اليمن واقفًا على قدميه.

ولكن، تراجع أسعار النفط الخام، وتأثير سنوات من العقوبات، يعني أن لدى إيران القليل من النقد الزائد عن الحاجة لدعم هذا البلد الذي تمت رؤيته تاريخيًا كمكان هامشي في صراع السلطة على مستوى المنطقة بين الرياض وطهران.

ورغم ذلك، لم يمنع هذا رئيس البرلمان الإيراني، علي لاريجاني، من اقتراح أن تقديم المساعدات لليمن قد يكون وشيكًا، في كلمة ألقاها الخميس. وقال: "إذا كان الشعب اليمني يحتاج إلى دعم، فإننا سندعمه بالطبع".

وحتى الآن، حاول الحوثيون لعب لعبة مزدوجة، حيث استولوا على مقاليد السلطة السياسية، في حين تركوا الرئيس الذي من الممكن أن يتحمل مسؤولية المشاكل الاقتصادية في اليمن. ورحب الحوثيون يوم الخميس بمقترح الحكومة حول تقاسم السلطة ولكنّ مسلحيهم ما زالوا خارج مقر إقامة رئيس الجمهورية، عبد ربه منصور هادي.

ولدى الحوثيين أسبابهم الخاصة لعدم الثقة بالرياض. تأسست المجموعة جزئيًا لمواجهة انتشار النموذج السعودي المتشدد للإسلام في المناطق الزيدية، وكذلك انتشار شبكات المحسوبية للمملكة بين زعماء السنة في البلاد. ومن جانبها، وضعت المملكة العربية السعودية الجماعة على قائمة المنظمات "الإرهابية" المحظورة في مارس/أذار.

ومع ذلك، تدرك الرياض أن أيديولوجية واستراتيجية الحوثيين لا تزال قابلة للتعديل نسبيًا، وأن زعيمها، عبد الملك الحوثي، قد يقرر في نهاية المطاف إعادة النظر في موقف مجموعته من أجل استعادة ميزة المساعدة السعودية.

سور اليمن العظيم

ولكن حتى الآن، لم يظهر الحوثيون أي علامة تذكر على أنهم على استعداد للرضوخ للضغط الخارجي. وفي الوقت نفسه، قال تقرير في صحيفة سعودية، يوم الخميس، إن المملكة العربية السعودية تعمل "ليلًا ونهارًا" لإنهاء بناء السياج الحدودي، ولكن وزارة الداخلية تقول إنها سوف تحتاج عدة سنوات لإكماله.

ومن على نقاط الحراسة الجبلية العالية عبر الحدود، من السهل أن نرى لماذا سوف يستغرق هذا العمل وقتًا طويلًا. في الأودية الخصبة من هذه المنطقة، يجعل الغطاء النباتي الكثيف من الصعب رؤية المتسللين الذين يعبرون الحدود. جرافات مجموعة بن لادن السعودية تزحف فوق هذه المنطقة، وتقوم ببناء طريق جديد لحرس الحدود، لمساعدتهم في الحفاظ على المسلحين خارجًا.