مصر: عاصفة من الغضب على أدونيس بعد هجومه العنيف على التراث العربي:

عدن الحدث

لا تزال توابع ندوة الشاعر السوري أدونيس في القاهرة مستمرة بعد سلقه الثقافة العربية بألسنة حِدادٍ، وادعائه أنها لم تقدم جديدا منذ منتصف القرن الثالث عشر، وهو الادعاء الذي رد عليه مثقفون مصريون. الناقد الكبير د. أحمد درويش الأستاذ بكلية دار العلوم جامعة القاهرة ورئيس لجنة الدراسات الأدبية بالمجلس الأعلى للثقافة قال لـ “رأي اليوم”: “ما نعيبه على الأستاذ أدونيس رغم ثقافته الواسعة أنه هو نفسه لم يقدم نموذجا مفيدا بهذا المعني الإحيائي الذي دعا اليه، واكتفى بتوجيه سهام النقد الحاد للحاضر والماضي سواء بسواء”. وتابع د. درويش: “أدونيس هو نفسه الذي أظهر في بعض تصريحاته الأخيرة شماتة في الدماء الذي حل بالمدن السورية متمنيا المزيد، وفي تصريحات أخرى قلل من شأن الثقافة المصرية ورموزها في العصر الحديث وأنكر دورهم في عملية الاحياء”. وتابع درويش متسائلا: “ليقل لنا أدونيس : ما الذي فعله هو وقد قارب التسعين – بارك الله في عمره – وقد قضى نصف حياته في فرنسا قارئا ومفكرا؟ هل طرح علينا وعلى العالم إسهاما عربيا جديدا في نظرية المعرفة أو في نظرية علم الجمال الأدبي أو نظرية تنقيح التراث أو إحياء اللغة بعيدا عن أفكار النقض والهدم والتجريح؟ الثابت والمتحول وردا على سؤال: “ألا يعد كتابه “الثابت والمتحول” بداية لفكرة وإنتاج معرفي جديد؟ أجاب د. درويش: “أدونيس نفسه لم يطبق في إنتاجه الأدبي والمعرفي نظريته التي دعا اليها، بل لم يقدم بديلا إيجابيا عن التصور السلبي الذي هاجمه، ولا يكفي أبدا أن يكون المفكر مهاجما طيلة الوقت سعيا لجوائز أو شهرة عالمية”. نقطة خطيرة وتابع د. درويش حديثه قائلا: “ما قاله أدونيس يمس نقطة خطيرة وهي فكرة مدى علاقة الحضارة بالمحافظة على التراث ونقده أو رفضه. وأنماط الحضارات في هذا الصدد مختلفة: الحضارة اليهودية مثلا تحافظ الى أبعد مدى على تراثها بل تختلق تراثا ليس لها، وتنسبه لنفسها”. وفي هذا الصدد يدعو د. أحمد درويش القارئ الى مطالعة كتاب المستشرق الألماني الذي ظهر مترجما في سلسلة “عالم المعرفة” بعنوان “اختلاق التراث اليهودي “، والى مطالعة كتاب” فجر الضمير الإنساني ” لبرستيد الذي يجسد فيه اختلاق تراث ونسبته الى أمة أخرى، ونموذج التراث الفرعوني الذي نُسب الى اليهود. وتابع: “هذه شريحة من شرائح التعامل مع التراث، الشريحة الثانية تتمثل في النظر الى التراث وإقامة صلة معه قائمة على أساس النقد والتصفية واستبقاء الجوهر وإزالة العرض، وهذه هي الفكرة التي اتبعتها الحضارات الشرقية مثل اليابانية والكورية والصينية التي تعتز بتراثها الفارق والمشكل لصلب هويتها مع نقده وإزالة الأعراض منه”. وأضاف “هناك نمط ثالث يتمثل في الغرق في التراث والتمسك بظواهره العرضية قبل الجوهرية وادعاء القداسة له وهذا هو المرض الذي أصاب شريحة كبيرة من المنتمين الى التراث العربي والإسلامي وداعش نموذج صارخ!، وهناك مئات النماذج الأخرى المتفاوتة في التمسك الأعمى بالأعراض دون الجواهر وهي موجودة في مختلف أنماط المثقفين العرب أو في شريحة كبيرة منهم على الأقل”. وتابع د. درويش: “النمط الرابع هو النمط الداعي الى القطيعة الايجابية مع التراث والذي يتمثل في نزع القداسة عن تأويل نصوص التراث وإضفاء القداسة على النصوص الأساسية فيه، بمعنى إطلاق العنان للفكر المؤهل لإعادة تأويل التراث، ومن ثم لإعادة الميلاد كما كانت الحركة الأدبية في أوروبا التي كانت تسمى “الرينسانس″، دون إغراق قي النقد الهدام ودون تثبيط للهمم الساعية لإقامة التوازن بين الأًصالة والمعاصرة”. واختتم د. درويش متسائلا: “إذا كنا ننتمي الى مجموعة الأمم التي لها تراث والتي يمكن أن يعد تراثها الحي من أطول الفترات الزمنية التي يعرفها تراث معاصر، فهل من الأجدى لنا أن ننهال على الجزء الباقي بالهدم أم نرسم الطريق أمام التصفية والنقد والبعث من جديد، وهي خطوة ليست سهلة، ولكنها ليست مستحيلة”. تراثنا هو حصننا أما الناقد والمفكر د. يسري عبد الغني فقد خاطب أدونيس قائلا: “يا عم أدونيس، ارحمنا أنت وأشياعك من سخفك وآرائك الهدامة، التراث حصننا الوحيد للمقاومة، كفانا ما نحن فيه!!”. عن / راي اليوم اللندنية