أزمة اليمن أول اختبار كبير للملك سلمان ( تفاصيل )

عدن الحدث


تمثل الاضطرابات التي يشهدها اليمن، أول اختبار كبير للملك سلمان، عاهل السعودية الجديد، وتتيح فرصة لمعرفة ما إذا كان نهجه في التعامل مع القضايا الساخنة في المنطقة، سيختلف عن نهج أخيه الملك الراحل.

ويواجه اليمن خطر التفكك بعد صعود حركة الحوثيين المتحالفة تحالفا استراتيجيا مع إيران، ألد خصوم الرياض في المنطقة، وذلك في بلد يضم أنشط فروع تنظيم القاعدة.

وفي ذلك تمثل أحداث اليمن انعكاسا لما جرى في الشرق الأوسط، حيث يسيطر حلفاء طهران من الشيعة على مقاليد الأمور في العراق وسوريا، في الوقت الذي تحاول فيه السعودية دعم جماعات سنية دون تقوية أعدائها من الإسلاميين المتشددين.

وفي ظل حكم العاهل الراحل الملك عبدالله، أسست المملكة سياسة إقليمية ثنائية المسار، حاولت من خلالها احتواء النفوذ الإيراني، وفي الوقت نفسه التصدي لتنامي الإسلام السياسي السني الذي رأت فيه تهديدا مذهبيا لحكم آل سعود.

ويقول محللون إنه ليس من المتوقع أن يتغير ذلك رغم تولي مقاليد الحكم ملك أصغر سنا قد يكون أسلوبه مختلفا بما قد ينطوي على جهد جديد للتواصل مع الأطراف المحلية في اليمن.

ورغم أن الملك له القول الفصل، فإن السياسة الخارجية في السعودية يشارك في وضعها مجموعة من أمراء الأسرة الحاكمة. وقد كان الملك سلمان عضوا أصيلا في الفريق الذي عمل مع الملك عبدالله، ولذلك سينتقل كثير من الأمراء في ذلك الفريق إلى الفريق الذي سيعمل معه.

وقال مصدر سعودي وثيق الصلة بعملية رسم السياسات: "لن يشاركوا في مستنقع. لا أعتقد أن تغييرا رئيسيا سيحدث. الأمر يتعلق بالاحتواء".

غير أن كون الملك سلمان أصغر 11 عاما من الملك الراحل، وقادراً على توجيه اهتمام مباشر أكبر للقضايا الرئيسية، قد يعني أن السياسة السعودية ستصبح أنشط من ذي قبل، خاصة في اليمن بعد سنوات ظل فيها دور المملكة خافتا.

وقال مصطفى العاني، الخبير الأمني الذي تربطه صلات وثيقة بوزارة الداخلية: "أعتقد أنهم سيتوجهون لليمن بعيون مفتوحة، ويحاولون الاتصال بكل الأطراف في الأزمة دون استبعاد أحد".

وعلى مدى عشرات السنين، ظلت المملكة تشتري تأييد القبائل والساسة ورجال الدين في اليمن، غير أن أسرة آل سعود شهدت تمزق شبكة العلاقات هذه خلال انتفاضة عام 2011، وعادت إلى سياسة أمنية دفاعية.

وتعمل الرياض على إنشاء سلسلة من الدفاعات الحدودية تعزلها عن اضطرابات اليمن، وقد قطعت التمويل عن صنعاء، على أن يقنع ذلك حكام اليمن الجدد بقبول حل وسط.

 

التجربة الخارجية

وخرجت طبعات الأحد من الصحف السعودية الرئيسية بعدد صفحات يزيد 3 مرات على العدد المعتاد، إذ نشرت شركات إعلانات على صفحات كاملة لتقديم تعازيها في وفاة الملك عبدالله، ومبايعة الملك سلمان وولي العهد وولي ولي العهد.

وقد كان ولي العهد الأمير مقرن الذي تولى رئاسة المخابرات منذ عام 2005 إلى 2012، وهو مولود لأم يمنية، وكذلك ولي ولي العهد الأمير محمد بن نايف، الذي يشغل منصب وزير الداخلية، يشاركان مشاركة لصيقة في سياسة المملكة المتعلقة باليمن.

وكان الأمير محمد الذي يركز اهتمامه على ضمان الأمن الداخلي للسعودية، صاحب دور بارز في تشكيل السياسة اليمنية في السنوات الأخيرة، وعمل عن كثب مع صنعاء للتصدي لتنظيم القاعدة، لكنه واصل تعزيز الدفاعات الحدودية.

وقال مصدر وثيق الصلة بالحكومة اليمنية: "السعوديون يبحثون عن شريك حقيقي. هم في غاية الارتباك".

وأضاف أنهم لن يؤيدوا أية حكومة يشارك فيها الحوثيون.

وأية سياسة استباقية في ما يتعلق باليمن، قد تعني التواصل مع الرئيس السابق علي عبدالله صالح، وحزب الإصلاح، وهما من الحلفاء السابقين للرياض، غير أن لهما سجلا لا يمكن التعويل عليه، كما أن صلاتهما بجماعة الإخوان المسلمين أثارت استياء الملك عبدالله.

ويقول محللون إن الملك سلمان ربما يشعر بقدر أقل من القلق في ما يتعلق بحزب الإصلاح الذي تربطه أيضا علاقات بأطراف قبلية وقيادات للمتظاهرين في انتفاضة عام 2011، إلى جانب صلاته بالإخوان المسلمين، وربما يعدل موقف الرياض من الحزب باعتباره شريكا محتملا في اليمن.

رويترز