شريحة ذوي الإحتياجات الخاصة.. بين مطرقة الإهمال الحكومي وسندان الظلم المجتمعي

عدن



تعاني شريحة ذوي الاحتياجات الخاصة في البلاد الكثير من التهميش والإقصاء سواءً من قبل الجهات المعنية والتي تخلت عنهم ولم تقم بواجبها، أو النظرة الدونية لهذه الفئة من أفراد المجتمع، الأمر الذي ولد لديهم حالة من الإحباط والإنزواء وجعلهم يعانون الأمرين: الإعاقة، وقساة المجتمع وأبنائه.

لقد أثبتت هذه الفئة في المجتمعات الأخرى قدرتها على الإنتاج والابتكار والمنافسة وأصبحوا عناصر فاعلة في مجتمعاتهم التي لم تألوا جهداً في رعايتهم والاهتمام بهم، أما ذوي الاحتياجات في مجتمعنا فلهم الله، كيف لا والدولة ومسؤولوها هم أول من يعانون الإعاقة في الضمير والإنسانية.





المعاق هو شخص يعاني من قصور ولا يستطع الاعتماد على نفسه في مزاولة أعماله اليومية أو ممارسة علاقاته الاجتماعية نتيجة هذا القصور.

والإعاقة ليست حاجزا ولا مانعا ولا سببا لحرمان المعاق من العمل والتعليم ما دام قادرا على ذلك، تقول الأخت الكفيفة دلال محمد عبد القوي: "بعض المعاقين قد لا يستطيعون التأقلم مع واقعهم وتجاوز محنتهم بمفردهم، فالمشكلة ليست في المعاق وليست في الإعاقة، وإنما تكمن في البيئة الأولى التي ينشأ فيها المعاق وهي (الأسرة) التي تجعل منه قادراً على تخطي العقبات أو غير قادر.

وهناك من يستغلون ذوي الاحتياجات الخاصة وينشئون منظمات وجمعيات كما تتغنى مكاتب حكومية باهتمامها بالمعاقين وتقديم الرعاية لهم ولا يتم من ذلك شيئاً.

يبقى المعاقون وذوو الاحتياجات الخاصة هم الحلقة الأضعف وفي دائرة الاستغلال والتهميش المجتمعي والإهمال.. وعن هذا الواقع تقول القاضية آمال الدبعي: "الإعاقة لا يمكن أن تشكل سبباً للحرمان من العمل أو التعليم بل على العكس فالإعاقة هي إرادة قوية تدفع المعاق للقضاء على إعاقته أمام الآخرين، وأمام المجتمع لكن المشكلة لا تكمن في الإعاقة أو المعاق المشكلة تكمن في المجتمع الذي لا يساعد المعاق في الاندماج معه أو التفاعل معه نحن في حاجة ماسة لمجتمع يحترم حقوق الإنسان العادي أولاً ومن ثم احترام وإعطاء المعاق حقوقه، هذا جانب و لو نظرنا للجانب الإنساني للمعاق لأدركنا أن المجتمع والأسرة والحكومة يرتكبون جريمة كبيرة في حقه بعدم توفير التعليم والدواء وارتكاب التهميش والإقصاء ضده، وعلى الرغم من كل الذي يلاقونه إلا أن لهؤلاء المعاقين إرادة منحها له الله سبحانه وتعالى لهم ليدركوا ما حولهم وليقاوموا مصاعب الحياة"، مضيفةً "المجتمع هو المسئول الوحيد عن النظرة السلبية التي تتولد لدى المعاق وإشعاره بأنه عالة على المجتمع، ولهذا نناشد المجتمع ومنظمات المجتمع المدني بضرورة الوقوف يداً واحدة لمساعدة وعون المعاقين".

أنور حزام

**الإعاقة دافع قوي للتفوق**

لا تشكل الإعاقة أي سبب لحرمان المعاق من ممارسة حياته بشكل طبيعي وخاصة التعليم والعمل بل في أكثر الأحيان تشكل دافعاً قوياً للتفوق والتغلب عليها، هذا ما أكده الأخ أنور حزام أستاذ محاضر بكلية الآداب قسم الخدمة الاجتماعية بعدن وقال: "إن المشكلة لا تكمن في الإعاقة وإنما في المعاق نفسه وبثقته بها، ويعود ذلك إلى التنشئة الاجتماعية للمعاق في الأسرة".

وأضاف "يقع على عاتق الأسرة أن تعرف نوع الإعاقة وكيفية التعامل معه فكرياً وعاطفياً ومحاولة إشراكه بالنشاطات الأسرية وعدم تمييزه بداعي الشفقة والرحمة والخوف عليه من الآخرين ثم تعويده تدريجياً على الاعتماد على نفسه لتعزيز الثقة بالنفس وعدم الشعور بالخجل من الآخرين".

من جانبها قالت الأخت دلال محمد عبدالقوي إحدى خريجات الدمج من الثانوية العامة بعدن "ما ينشر ويقال عن الجهات التي تدعم المعاقين بعيد عن الواقع الذي يعيشه المعاق ورغم أنها وجدت أصلا من أجل المعاق إلا أنها لا تقوم بالدور الذي يترتب عليها، لم يُسم ذوو الاحتياجات الخاصة بهذا الاسم إلا لأنهم يحتاجون لوسائل خاصة تلبي احتياجاتهم"، مضيفةً" "مازال المعاقون يندرجون في دائرة الإهمال لقلة الخدمات التي يجب أن توفرها الدولة مثل المدارس والمناهج الخاصة بهم أو الوسائل الأخرى التي يعتمد عليها المعاق في حياته، فقلتها أو انعدامها يجعل أن المعاق لا يتخطاها في التفكير بما هو أفضل منها، فما زال الإهمال سائداً حتى اللحظة ولم يوجد من يحمل الأمانة والصدق والإخلاص في كل ما يقوم به لذلك تأخرنا عمّا وصل إليه غيرنا".

وأوضحت دلال بأن كلمة (معاق) تتردد دائما في أفواه الناس لكن ربما أكثرهم لا يدركون من هو المعاق الحقيقي؟، فمن كان معاقاً بأحد أجزاء جسده ولكنه سليم العقل والقلب لا يجب أن نطلق عليه معاقاً لأن المعاق من كان له عقل ولا يفكر به ومن كان له قلب ميت، فإذا كان من قد فقد أحد أجزاء جسده يملك عقلاً يفكر به ويستطيع تمييز كل ما حوله وربما بدرجة أفضل من الآخرين، إذا فما الذي يمنعه من حقه سواء في التعليم أو العمل، فقد يمتلك المعاق مهارات وإبداعات لا توجد عند غيره إذا أوليناه قليلاً من الاهتمام، فكونه إنساناً مثله مثل غيره يجب أن لا يحرم أي حق من حقوقه في أي مجال ولأي سبب من الأسباب، لأن المعاق يحتاج للتعليم أولا وهذا ما يجب على الدولة توفيره له وبأي شكل حتى يتلقى التعليم الذي سيجعله قادراً على العمل في ما بعد، وحينما يكون المعاق قادراً على العمل وعنده المؤهلات الكافية لذلك فيجب أن يوظف حتى يكون قادراً على إعالة نفسه وحتى لا يكون عالةً على غيره".

القاضية آمال الدبعي

**المعاق ليس عالة على المجتمع **

وأرجعت الأخت دلال السبب الرئيسي لشعور المعاق بأنه عالة على المجتمع إلى عدم توفير الدولة متطلبات المعاق الأساسية كالتعليم والعمل وكافة احتياجاته التي تجعله لا يحتاج لأي شيء وبها يصبح قادراً على إعالة نفسه بنفسه وعنده التدريب والخبرة الكافية لذلك ولكنه لايريد القيام بذلك ويريد من الآخرين تقديم العون له دائماً ويتحجج بإعاقته، فهذا النوع من المعاقين تكمن المشكلة فيهم، حيث إنهم يجعلون من أنفسهم عالة على المجتمع فعلا، ولكن المشكلة بأننا في مجتمع لا يوفر لهؤلاء المعاقين أي من خدمات التعليم والصحة والعون لإعالة نفسه وتجاوز إعاقته يضاف إليه السخرية وما إلى ذلك من النظرة الدونية، ولهذا فواجب الدولة هنا أن توفر له على الأقل عملاً بسيطاً إذا كان غير قادر على التعليم أو قد تجاوز هذه المرحلة، وأمّا إذا كان المعاق متعلماً ويعمل ويقوم بذلك من أجل إعالة نفسه وأُسرته وقد أصبح عضواً فعالاً في المجتمع ولكن المجتمع ما زال يراه أنه عالة عليه فهنا تكمن المشكلة في قلة الوعي لدى هذا المجتمع، وقلة دور وسائل الإعلام بالتوعية في هذا الجانب وعدم القيام بأي فعاليات أو مبادرات توعوية هادفة والتأكيد على أن الإعاقة لم تكن يوماً مشكلة أو عائقاً أمام الإرادة".

وتابعت حديثها بأسى وأضح عن حقوق المعاقين قائلة: "ماذا يمكنني أن أقول عنها إذا هي بالأساس غير موجودة، هي ما زالت (ح ق و ق) مجرد أحرف ولم تجمع في كلمة واحدة حتى الآن، كثيراً ما نسمع عن حقوق المعاقين إلا أننا لم نلمسها على الواقع ولم نجد لها أي أثر ولم تشع شمسها على الوجود وما زالت هذه الشمس منطفئة، فمن الذي سيسعى لإشعالها هل سنرى نورها يوماً في هذه الحياة، ومن الغريب أن الكل يتحدث عن الحقوق وبالذات حقوق المعاق إلا أننا إلى الأن لم نجد من يقم بتأدية واجبه، بل إن الكثير منهم لا يفكرون بحق هؤلاء المعاقين بقدر تفكيرهم بمصالحهم الضيقة، لقد أصبحت كلمة حقوق المعاق في وقتنا الحاضر تتداول على الألسن دون أن نجد لها أي تطبيق على الواقع".

دلال محمد عبدالقوي

** من هو المعاق؟ **

هو فرد من أفراد هذا المجتمع لديه حقوق وعليه واجبات ومما لاشك فيه أن الإعاقة تؤثر على الفرد المصاب لكن يختلف هذا التأثير من شخص إلى آخر وفقا لنوع الإعاقة.

فليس كل أنواع الإعاقات تملك الأثر نفسه على الفرد وأن تقبل المعاق من قبل الأسرة والمجتمع له دور كبير في بناء نفسية المعاق بدعمها نفسيا واجتماعيا وماديا لذلك نقول ن التنشئة الاجتماعية لها دور كبير في تقبل الفرد للإعاقة وتقبل المجتمع للشخص المعاق ما يساعد الشخص على التفاعل الاجتماعي داخل إطار الأسرة والجماعة ويؤثر إيجابا في مجتمعه حيث يحتاج المعاق إلى الرعاية و التأهيل من قبل المؤسسات المراكز الحكومية والخاصة وتوفير المتخصصين والأشخاص المدربين لدعم المعاق.

وفي عام ١٩٨١م أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة ميثاق الحقوق الإنسانية لمن يعانون من إعاقات وينص هذا الميثاق على أن للمعاق الحق في المشاركة والمساواة في المعاملة واعتبر ذلك اعترافا عالميا واضحا بحق المعاق بالمشاركة في كافة أنشطة المجتمع واعتبرت السنوات من عام ١٩٨٢ إلى عام ١٩٩٢ م هي (عقد ذوي الاحتياجات الخاصة).

وفي عام ١٩٩٣م أصدرت الأمم المتحدة القواعد الأساسية لحقوق الأفراد المعاقين حيث نصت المادة السادسة من هذه القواعد على انه يجب على الدول تأكيد أسس المساواة في التعليم الأساسي والثانوي والفرص التعليمية المتكافئة للأطفال والشباب والراشدين من المعاقين والعمل على دمجهم في التعليم على أن يكون المعاقون جزءا لا يتجزأ من العملية التعليمية--الأيام