نُبكيك بقلوبٍ مكلومة .. عُمر باشامي .. خبير الرياضة .. رائد التعليم.. عزاؤنا لكل الوطن

كتب/ صلاح العماري
أن يفقد الوطن كادراً تربوياً ورياضياً بحجم عُمر باشامي، لعمري أن المصاب جلل والفقدُ أليم.
قديماً قالوا "من لا يملك كبيراً يشتري له كبيرا".
وعُمر باشامي، ياسادة من طينة الكبار.
لم يتحمّل قلبه الجميل الأبيض، فتوقفت نبضاته بعد صراع طويل مع المرض، عقب عملية القلب المفتوح التي أجراها منذ سنوات، ليأتي الخبر الحزين برحيله، مع الساعات الأولى من يومنا هذا الثلاثاء 2 أغسطس، في قاهرة المعز، وهو يتلقى العلاج.
الكابتن عمر سالم باشامي، خبير كروي كبير، مارس كرة القدم لاعباً ثم مدرباً لأفضل الفرق والمنتخبات الوطنية، له رؤية ثاقبة وفكر متفرد، وسمة خاصة، مارس مهنة التدريب للعبة كرة السلة في بداياته، وقبل ذلك معلقاً رياضياً، وكاتباً صحفياً وحكماً لبعض مباريات الكرة "كما حدثني رحمه الله". 
أبصرت عيناه النور عام 
1948م ، وتدرج في المراحل التعليمية الى أن أصبح لاعب خط الظهر لفريق نادي الكوكب، من أوائل من درب في كرة السلة، ثم امتهن تدريب لعبة كرة القدم، عبر دورات علمية تدريبية في ألمانيا والمجر، وأشرف على تدريب التضامن وشعب حضرموت والمكلا وأهلي الغيل والتلال و22 مايو بصنعاء وأهلي وهلال الحديدة والمنتخبات الوطنية ومنتخب حضرموت.
عمل في مجال الصحافة حين أشرف على الصفحة الرياضية لصحيفة الشرارة، كما مارس  التعليق الرياضي لمباريات كرة القدم من أرضية ملعب الفقيد بارادم بالمكلا، وأدار بعض المباريات حكماً في الساحة.
رافقتُ فقيد الوطن الخبير الكروي الكابتن عمر باشامي رحمه الله، في بعض المراحل التدريبية واللقاءات الصحفية، فوجدت فيه الشخصية القوية داخل الملعب وأثناء أداء مهامه التدريبية، وملك الصفات الأبوية في أوقات أخرى، من أفضل ما لمسته في باشامي قدرته على تشكيل فرق منافسة، والجرأة في الزج بوجوه جديدة، وايمانه باللعب بطريقة 2-5-3 في بداياتها، وأتذكر إشراكه للاعب الموهوب سالم موسى وإيمانه بموهبته في مباراة حاسمة أمام اتحاد إب بملعب الكبسي، بعد حوالي 3تمارين فقط مع الفريق، وقبوله مهمة تدريب شعب حضرموت في وقت صعب قبل اسبوع من مشاركته الآسيوية أمام حامل اللقب شباب الأردن بعد انسحاب المدرب المصري مصطفى حسن، وفرضه إدراك التعادل لشباب الأردن في مدينة الزرقاء الأردنية بعد تقدم الشعب في الشوط الأول، وتحقيق  نتائج مشرفة في تلك البطولة.
كان عمر باشامي أمام محك صعب، أمام حامل اللقب شباب الأردن، حينها كان الحارس الأساسي طيلة الدوري أحمد كرامة، والبديل سعيد النوحي، وحين وصلنا عمّان شاهدت باشامي يعتمد أكثر على النوحي البديل في حراسة المرمى، وذكر اسمه أولاً في المؤتمر الصحفي، حينها غمزت لمساعد المدرب الكابتن خالد بن بريك رحمه الله، قائلاً له أن الأساسي سعيد النوحي تفاجأ كثيراً، كانت رؤيته ثاقبة، تألق سعيد النوحي أمام شباب الأردن وقدّم أداءً بطولياً ذاذ فيه عن مرماه ببسالة وكان يوجه بصوت مرتفع ويبث الحماس في اللاعبين، وانتهت المباراة بالتعادل الايجابي 1/1.
عقب المباراة سألت الكابتن عمر باشامي "كيف لك تغامر في مركز مهم كحراسة المرمى في مباراة مهمة كهذه، ماهي رؤيتك ولم يكن لديك أكثر من اسبوع على تدريب الفريق؟"، قال :"لقد رأيت الحارس الأساسي أحمد كرامة مرتبكاً بعض الشيء من هيبة الخصم حامل اللقب، وهي أول رحلة خارجية له، فكان لابد من الزج بعنصر الخبرة، وسيظل كرامة محل ثقتي في مباريات الدوري، ومباريات آسيا القادمة".
لقد كانت لعُمر باشامي رؤية ثاقبة ونظرة لا تخيب في مجال التدريب،  أشهد له بايمانه في نجومه، ومنحهم الحماس والثقة، انه من المدربين الذين يؤمنون بقدرات اللاعبين الشباب ويدفعون بهم دون تردد أو خوف، لا يؤمن بالفريق الجاهز، بل يصنعه.
رافقته في رحلات بحرية ورياضية كثيرة، فإذا هو الوالد والصاحب والأخ المتواضع، امتلك العلم والمعرفة الكروية، والرياضية، وخدم حضرموت والوطن في مجالي الرياضة والتربية والتعليم.
برحيله تخسر حضرموت والوطن خيرة أبنائها، رحم الله الوالد الكابتن عمر سالم باشامي، وأسكنه الجنة، عزاؤنا لنجله "فهمي" وأخوانه، ولأسرتهم كافة، ولزملاء ورفقاء دربه ومحبيه، وللوطن عامة.
نبكيك بقلوب مؤمنة مكلومة "بوسالم"، وندعو الله لك الجزاء الحسن.
إنا لله وإنا إليه راجعون.