تقرير أميركي: دعم المجلس الانتقالي الجنوبي مفتاح هزيمة الحوثيين

(عدن الحدث) خاص :

في خضم التصعيد الحوثي المستمر وتهديده للملاحة الدولية في البحر الأحمر وخليج عدن، يتصاعد الحديث عن ضرورة إشراك قوى يمنية "حقيقية وفعالة" في جهود التصدي لهذا الخطر المتصاعد. 

في مقدمة هذه القوى يبرز المجلس الانتقالي الجنوبي في اليمن كفاعل رئيسي يمتلك الأرض والدعم الشعبي والخبرة العملياتية، ويمكن مساندته من الجهات الدولية، حسب ما تدعو إليه أصوات عديدة داخل مراكز الدراسات والأبحاث الغربية، وآخرها ما ورد في مقال حديث نشره مركز "منتدى الشرق الأوسط".

المجلس الانتقالي الجنوبي: من كيان سياسي إلى شريك أمني

تأسس المجلس الانتقالي الجنوبي عام 2017، بوصفه ممثلًا للحركة الجنوبية التي تطالب باستعادة دولة الجنوب، لكنه سرعان ما تطوّر ليصبح قوة سياسية وعسكرية ذات تأثير إقليمي، ويمتلك المجلس اليوم قوات أمنية متعددة، أبرزها الحزام الأمني، والنخب الشبوانية، وقوات الدعم والإسناد، وهي التي تتولى السيطرة على معظم محافظات الجنوب مثل عدن ولحج وأبين وأجزاء من شبوة وحضرموت.

ويوضح التقرير أن قوات خفر السواحل التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي تلعب دورًا مهمًا في حماية السواحل الجنوبية الممتدة من باب المندب حتى المهرة، وهي منطقة استراتيجية تمثل الشريان البحري لحركة التجارة العالمية.

لماذا الجنوب؟.. الأسباب الجيوسياسية والواقعية

يؤكد تحليل "منتدى الشرق الأوسط" أن تجاهل المجلس الانتقالي الجنوبي كشريك في الحرب ضد الحوثيين يعد خطأ استراتيجيًا. فالمجلس يمتلك: "شرعية محلية واقعية، إذ يحظى بدعم واسع في مناطق سيطرته، وقوات منظمة ومدربة بدعم من التحالف العربي، خاصة دولة الإمارات، وإدارة فعلية للموانئ والمنافذ الساحلية، خاصة ميناء عدن وميناء المكلا".
 

وفي المقابل، فإن الجيش اليمني التابع للحكومة المعترف بها دوليًا يعاني من ضعف بنيوي، وانقسامات داخلية، فضلاً عن تراجع فاعليته في مواجهة الحوثيين، خاصة بعد أن خسر مناطق واسعة في الشمال.

التهديد الحوثي للملاحة وغياب الحلول التقليدية

منذ نهاية عام 2023، شن الحوثيون حملة من الهجمات الصاروخية والطائرات المسيّرة استهدفت سفنًا تجارية وعسكرية في البحر الأحمر وبحر العرب، مهددين بذلك أحد أهم ممرات التجارة العالمية.

شنّت الولايات المتحدة سلسلة من الضربات الجوية الدقيقة ضد أهداف حوثية في اليمن مطلع عام 2024، ضمن عملية الردع البحري التي أطلقتها واشنطن تحت مظلة "حارس الازدهار". وجاءت هذه الضربات بعد تكرار الهجمات الحوثية على السفن التجارية في البحر الأحمر وخليج عدن، وهو ما اعتبرته الإدارة الأميركية تهديدًا مباشرًا للملاحة الدولية ولحرية التجارة العالمية. وقد استهدفت الضربات مواقع إطلاق صواريخ ومراكز تخزين طائرات مسيّرة ورادارات بحرية تابعة للحوثيين، ما كبّدهم خسائر كبيرة في بنيتهم العسكرية البحرية.

ورغم الحملة الجوية المكثفة، اتجهت الأمور تدريجيًا نحو هدنة غير معلنة مع منتصف 2024، ورجّح محللون أن واشنطن اختارت التهدئة لتجنّب الانزلاق في حرب استنزاف، خاصة مع تركيزها على أولويات استراتيجية أخرى في آسيا وأوروبا. أما الحوثيون، فرأوا في التهدئة فرصة لإعادة التموضع، مع استمرار خطابهم الإعلامي المتحدي دون تصعيد فعلي، حيث استأنفوا بعد ذلك هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر.
 

ويقترح تقرير "منتدى الشرق الأوسط" أن الحل لا يمكن أن يظل محصورًا في الأدوات العسكرية الغربية البعيدة جغرافيًا، بل يجب أن يعتمد على شركاء محليين يمتلكون القدرة والمعرفة الميدانية، وفي هذا الإطار تأتي دعوة للتعاون المباشر مع خفر السواحل في جنوب اليمن وأيضًا في أرض الصومال.

نقطة التقاء بين الأمن الإقليمي والطموحات السياسية

يلاحظ التقرير أن دعم المجلس الانتقالي الجنوبي في حماية السواحل يجب أن يُنظر إليه باعتباره خطوة تكتيكية ضرورية لحماية الأمن الإقليمي والعالمي، بما يشمل: "تأمين خطوط الملاحة الدولية وردع النفوذ الإيراني المتصاعد في البحر الأحمر وحماية الموانئ الحيوية التي يعتمد عليها الاقتصاد اليمني والخليجي".

ويضيف أن أي ترتيبات سياسية مستقبلية في اليمن، سواء كانت فيدرالية أو غير ذلك، لا يمكن أن تتجاهل الواقع العسكري والإداري الذي يفرضه المجلس الانتقالي في الجنوب.

ويشير التقرير إلى أن البديل عن دعم المجلس الانتقالي الجنوبي "هو استمرار العجز الحالي، وترك المجال مفتوحًا أمام الحوثيين لتوسيع هجماتهم البحرية بدعم إيراني مباشر".

الدعوة إلى إستراتيجية جديدة

ينهي التحليل دعوته بالقول إن الولايات المتحدة والدول الغربية بحاجة إلى نهج واقعي ومرن، يقوم على: "إشراك المجلس الانتقالي الجنوبي وأرض الصومال كمصادر قوة أمنية على الأرض، وتوفير الدعم التقني واللوجستي لقوات خفر السواحل الجنوبية، بما في ذلك التدريب والمعدات، وفتح قنوات تنسيق استخباري مباشر بين قوات الجنوب والقوات البحرية الدولية، وإعادة صياغة أهداف عملية "حارس الازدهار" لتكون أكثر تكاملًا مع الشركاء المحليين".
 

خاتمة: الجنوب شريك لا غنى عنه

رغم تعقيدات المشهد اليمني وتباين مواقف القوى الإقليمية والدولية، يتفق مراقبون أن تجاهل القوى الفاعلة على الأرض لم يعد ممكنًا. وفي مقدمة هذه القوى يأتي المجلس الانتقالي الجنوبي، ليس فقط كلاعب محلي يطمح للاستقلال، بل كشريك فعلي في معركة الأمن البحري العالمي ضد التهديد الحوثي.

إن أي مسعى جاد لتأمين الملاحة الدولية في البحر الأحمر لا بد أن يبدأ من إعادة النظر في خريطة التحالفات على الأرض – وهي خريطة تبدأ من عدن، وليس من صنعاء اليمنية.