التغيرات المناخية تزيد من معاناة النساء الحوامل في اليمن

عدن الحدث - عبدالله المسروري:

تغيرات مناخية، وطرق منقطعة ووعرة، وظروف تفتقر إلى أدنى مقومات الصحة.

تواجه النساء في اليمن أحد أكثر أشكال الواقع حزنًا، في السلامة الشخصية وتلقي الرعاية الصحية خلال فترات الحمل والولادة.

لم تكن تعلم عائشة، ابنة الـ 29 ربيعا، أن تعاني في رحلة ذهابها إلى أقرب وحدة صحية لمنطقتها، لتضع مولودها. ففي المعتاد فإن الرحلة من منزل عائشة القابع في منطقة جبلية إلى الوحدة الصحية سهلة ولا تستغرق سوى دقائق قليلة؛ لكن التقلبات المناخية التي نتج عنها الإعصار المداري "تيج"، جعل من رحلة عائشة - التي عانت من آلام المخاض خلالها - رحلة لا تنسى.

تقول عائشة:" كان حملي على الأكتاف لأكثر من ساعة هو طوق النجاة الوحيد، حتى وصلت إلى أقرب عيادة منزلية فيها قابلة صحية، لأضع مولودي بعد رحلة مخاض شاقة وأليمة.

وأردفت عائشة بالقول:" إنها رحلة مرهقة جسديًا وذهنيًا، استعدت فيها عافيتي بعد سماع صرخات طفلي بين يدي القابلة.

تسببت السيول جراء إعصار" تيج" المداري التي شهدتها مديرية الريدة وقصيعر بحضرموت، في قطع طريق الوادي الذي يفصل منطقة "عائشة" عن أقرب منطقة تتواجد بها قابلة صحية.

تعد مديريتي الريدة وقصيعر بحضرموت الأكثر تضررًا من الإعصار المداري "تيج" الذي ضرب أجزاء من محافظة حضرموت ومحافظتي المهرة وأرخبيل سقطرى في أواخر أكتوبر الماضي من العام الجاري 2023م.

وأوضح فؤاد سعيد السهب، مدير مكتب الصحة العامة والسكان في مديرية الريدة وقصيعر بحضرموت، أنّ الأمهات الحوامل في المديرية يعانين الوصول إلى المرافق الصحية أثناء الحمل والولادة عند تقلب الأحوال الجوية وهطول الأمطار وتدفق السيول في الأودية لتباعد المناطق جغرافيًا.

وأشار السهب، ان مكتب الصحة والسكان في مديرية الريدة وقصيعر، اتخذ عدد من الاجراءات لمجابهة التقلبات المناخية، بدعم من صندوق الأمم المتحدة للسكان والتنمية، وهي إنشاء عيادات منزلية، وتدريب عدد من القابلات، مع توفير معدات طبية، للقيام بخدمات الطوارئ للأمهات الحوامل عند الولادة.

وفقًا لصندوق الأمم المتحدة للسكان في اليمن، فإن أقل من نصف حالات الولادة تتم بمساعدة طبيب محترف، وثلث الحالات فقط تتم في داخل منشأة صحية. ويعيش نحو 40% من سكان اليمن على مسافة تبعد أكثر من ساعة من أقرب مستشفى عام يعمل بكامل طاقته.

وأكد، أنس معروف، مسوؤل البرنامج المناخي في منصة صحصح، إلى أن تغير المناخ يؤثر على معاناة النساء الحوامل من خلال انقطاع الطرق والتسبب في عزل بعض المناطق عن الخدمات الطبية، مشيرًا إلى أنه في حالات الطوارئ مثل الفيضانات والاعاصير، يكون من الصعب على النساء الحوامل الوصول إلى المستشفيات والعيادات للحصول على الرعاية الصحية التي تحتاجها.

الدكتورة أميرة بافضل، مقيمة نساء وولادة سابقة، ماجستير أمراض مدارية ومعدية، قالت أن التغيرات المناخية تؤثر على صحة الإنسان بشكل عام من خلال ظهور العديد من الأمراض، من أهمها الملاريا وحمى الضنك بسبب تكاثر البعوض الناقل للمرض، مشيرةً إلى أن النساء والفتيات في فترة الحمل والولادة هم أكثر فئة متضررة من التغيرات المناخية.

ولفتت بافضل في حديثها إلى بحثها التي عملت عليه مؤخرًا، تحت عنوان "تقييم إمكانية حصول النساء والفتيات على خدمات الصحة الانجابية وخدمات تنظيم الأسرة خلال فترة التغيرات المناخية"، والذي توصلت فيه إلى عدد من الحلول والمعالجات، من ضمنها: "إشراك النساء والفتيات في المناطق المتضررة من التغيرات المناخية في عمل استراتيجية لضمان وصول أصواتهم، وحصولهم على الخدمات الصحية خلال التغيرات المناخية، بإنشاء وحدة إدارة الكوارث في المناطق المنكوبة، وعمل إتصالات مباشرة او خطوط ساخنة او آلية معينة تضمن حصولهم في الشهور الثلاث الأخيرة من الحمل على الخدمات الصحية.

وتشير تقارير لصندوق الأمم المتحدة للسكان إلى موت إمرأة كل ساعتين بسبب مضاعفات الحمل والولادة. وتعاني 20 امرأة أخرى من الإصابات أو العدوى أو الإعاقة التي يمكن الوقاية منها.

تم إنتاج هذه المادة ضمن مخرجات برنامج التغطية الإعلامية الجيدة لقضايا الصحة الإنجابية والعنف القائم على النوع الاجتماعي الذي ينفذه مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي بالشراكة مع صندوق الأمم المتحدة للسكان