بين الترحيب الشعبي وتطلعات التمثيل.. قرارات الزُبيدي تفتح الباب لمرحلة البناء الحقيقي
في لحظة فارقة من عمر قضية الجنوب، ومفصل حاسم في مسار البناء المؤسسي لمؤسسات الجنوب، أصدر الرئيس القائد عيدروس قاسم الزُبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، القرار رقم (17) لسنة 2025، بشأن استكمال الهيكلة التنظيمية للمجلس، وإعادة ترتيب القيادات داخل الأمانة العامة ودمج الهيئات المساعدة في إطار هيئات مركزية موحدة، لتكون أكثر فعالية، شمولاً وتكاملاً.
ـ ترحيب واسع.. وملامح التحديث تظهر بوضوح
قوبلت هذه القرارات، التي طالت بنية المجلس الانتقالي، بترحيب شعبي كبير في مختلف محافظات الجنوب، حيث رأى كثيرون فيها خطوة جادة نحو بناء مؤسسي حديث، يواكب التحديات السياسية والاقتصادية، ويؤسس لمرحلة أكثر انسجاماً في الأداء الإداري والتنظيمي. ويأتي ذلك في وقت دقيق، تشتد فيه المؤامرات ضد الجنوب، وتتطلب اللحظة قرارات شجاعة كقرارات الرئيس الزُبيدي.
وجاءت الهيكلة الجديدة لتجمع تحت مظلتها هيئات كانت متفرقة أو مزدوجة الوظائف، مما يفتح المجال أمام كفاءة الأداء، ويوفّر بيئة ملائمة لصياغة استراتيجيات فاعلة، تنهض بمهام المجلس داخلياً وخارجياً.
ـ أبرز التعيينات.. وجوه جديدة وشخصيات ذات خبرة
ومن أبرز ما حملته الهيكلة، تعيين الدكتور ناصر محمد ثابت الخبجي عضواً في هيئة رئاسة المجلس، وتكليف عبدالرحمن جلال شاهر الصبيحي بمنصب الأمين العام للأمانة العامة، إلى جانب تعيين نزار ناصر علي هيثم نائباً له، ومحمد الشقي مساعداً للأمين العام لشؤون المحافظات.
كما شملت التعيينات:
د. هدى مهدي السيد محمد رئيسة لهيئة التخطيط والتنظيم وتنمية القدرات، في دلالة رمزية ومهمة على إشراك المرأة في مواقع صنع القرار.
أنيس حسين الشرفي رئيساً للهيئة السياسية.
عبدالعزيز أحمد عبدالعزيز الشيخ رئيساً لهيئة الإعلام والثقافة.
جعفر محمد منيعم رئيساً للهيئة الاقتصادية والخدمية.
خالد محسن الخليفي لهيئة التعليم والشباب والرياضة.
مختار عمر اليافعي لهيئة الشؤون الاجتماعية.
د. صالح سريع باسردة لهيئة الشؤون القانونية وحقوق الإنسان.
نيران حسن سوقي رئيسة لهيئة المرأة والطفل.
الشيخ خالد الفضلي لهيئة الفكر والإرشاد الديني.
- نقلة تنظيمية عميقة وشمولية الهيكلة
الهيكلة جاءت وفق مواد واضحة، تضمنت دمج الهيئات المساعدة ضمن 11 هيئة مركزية كبرى، تعمل في إطار الأمانة العامة، أبرزها:
هيئة التخطيط والتنظيم وتنمية القدرات: تضم دوائر التطوير المؤسسي، والتدريب والتأهيل، والدائرة التنظيمية.
الهيئة السياسية: وتحتوي مركز البحوث، ووحدة شؤون المفاوضات، وفريق الحوار الوطني الجنوبي.
هيئة الإعلام والثقافة: تتضمن قطاع الإذاعة والتلفزيون، وقطاع الصحافة والإعلام الحديث، ودائرة الإعلام.
هيئة الشؤون الاجتماعية: تحتضن الهيئة المجتمعية، هيئة الإغاثة، دوائر الشؤون الاجتماعية، والشهداء والجرحى.
الهيئة الاقتصادية والخدمية، وهيئة التعليم والشباب والرياضة، وهيئة المرأة والطفل وغيرها من الهيئات التي تمت إعادة هيكلتها بطريقة منهجية.
هذا الدمج يسهم في تقليص التشتت، ورفع كفاءة الأداء، وتحديد الأدوار بوضوح، مما يعزز من مبدأ الحوكمة المؤسساتية.
- أصوات شعبية.. دعم واسع وتطلعات لتمكين الشباب والمرأة
رغم الترحيب الواسع، لم تخلُ الساحة الجنوبية من بعض الأصوات التي عبّرت عن تطلعات مشروعة، وأمنيات أن تشمل الهيكلة القادمة:
تمثيل أوسع للكوادر الجنوبية المؤهلة من مختلف محافظات ومناطق الجنوب، لاسيما تلك التي كانت وما زالت في مقدمة الدفاع عن قضية شعب الجنوب.
تمكين الكفاءات الشابة التي أثبتت قدرتها في ميادين متعددة، من الإدارة إلى الإعلام، ومن الخدمة المجتمعية إلى التقنية والابتكار.
تعزيز حضور المرأة في مواقع صنع القرار، بما يتجاوز التمثيل الرمزي، ويؤسس لمشاركة فاعلة، وهو ما تم التمهيد له بتعيين سيدتين في مناصب رفيعة.
تحقيق التوازن الجغرافي والإنصاف بين كل محافظات الجنوب، لضمان وحدة النسيج الجنوبي، والابتعاد عن أي تهميش لمناطق بعينها.
ويأمل كثيرون أن تشكّل هذه القرارات فاتحة لمسار طويل ومستمر من الإصلاحات والبناء المؤسسي، وأن يتم توسيع التمثيل في الدوائر والهيئات التنفيذية والميدانية.
ـ قرارات تعيد الاعتبار للمؤسسة وتؤسس للمرحلة القادمة
يرى مراقبون أن قرارات الرئيس الزُبيدي لا تنفصل عن روح المرحلة التي يعيشها الجنوب، والتي تستدعي وضوحاً في الرؤية، وتماسكاً في الأداء المؤسسي، بعيداً عن التداخل والتكرار في المهام.
كما أن دمج الهيئات المساعدة ضمن بنية واحدة متكاملة، يسهل من عملية التقييم، ويتيح اتخاذ قرارات أكثر فاعلية واستجابة للمتغيرات، سواء على المستوى السياسي أو الخدمي.
ـ رسالة للمستقبل الجنوب لكل أبنائه
تمثل هذه الهيكلة خطوة على طريق تحقيق حلم الدولة الجنوبية، والتي لن تُبنى إلا بسواعد كل الجنوبيين، نساءً ورجالاً، شباناً وكهولاً، من كل محافظات ومناطق الجنوب دون استثناء. وهذا ما عبّر عنه البعض بقولهم: "الجنوب يتسع للجميع، وهيكلته المؤسسية يجب أن تعكس هذا الاتساع".
وفي هذا السياق، يُتوقع أن تلي هذه القرارات خطوات إضافية لتعزيز التواصل مع النخب، واستقطاب الكفاءات، وفتح قنوات تشاورية مجتمعية تعزز من بناء الثقة والانخراط الفعلي في مشروع التحرير والبناء.
- القرار دخل حيّز التنفيذ.. والأنظار تتجه نحو الأداء
بحسب القرار، فإنه يدخل حيّز التنفيذ من لحظة صدوره، ويُلغي كل ما يتعارض معه من قرارات سابقة، وسيتم نشره في الجريدة الرسمية للمجلس الانتقالي الجنوبي. وبهذا تدخل مؤسسات المجلس مرحلة تنظيمية جديدة، يُنتظر أن تعكس أثرها في تعزيز وحدة القرار، وفعالية الأداء، والمضي قُدماً في طريق تحقيق تطلعات الجنوبيين.
ـ ما بين الترحيب والملاحظات.. الأمل باقٍ
تمضي عجلة الجنوب إلى الأمام، متسلحة بالإرادة، والخبرة، وحلم الدولة الجنوبية العادلة التي تحتضن أبناءها. وبين قرارات الهيكلة وملاحظات المواطنين، يقف الجميع على أرضية واحدة: الرغبة الصادقة في إنجاح المشروع الجنوبي، وترسيخ قواعده على أسس الكفاءة، والمشاركة، والعدالة.